الزواج والمشكلات
قالت شمس النَّهار: لماذا تحدثُ المشكلاتُ بين الزوجين؟
فقال الفيلسوف: نحن البشرُ جُبِلنا على الاختلافِ، فإنَّك لا تجدين على سبيلِ المثال اثنينِ لهما نفس بصمة الأصابع، أو نفس بصمة الصَّوت أو العين، والاختلافُ جزءٌ لا يتجزَّأ من أيِّ عَلاقةٍ، شِئنا أم أبَيْنا.
قالت شمس النَّهار: ولكن ما هي أكثرُ الأسبابِ التي تؤدِّي إلى المجادلةِ والنِّزاع بين الأزواج؟
فقال الفيلسوف: الأسبابُ كثيرة ومتعدِّدة، ولكنَّ هناك وعلى الأغلبِ أسبابًا رئيسة، ومعظم المشكلات تدور حولها؛ وأهمُّها المال، سواء عن قلةِ المال، أو كيف سيُصرف المال، المال ليس موضوعًا يسهلُ الحديث عنه أبدًا، وللتعاملِ مع المشاكلِ المالية يجبُ على الشريكين أن يكونا صادقَيْن حول حاجتِهما للمالِ، ووضع خطةٍ لإنفاقِ المال بحيثُ يحصلُ كلُّ طرفٍ على حصة معقولة ومقبولة، بأن يضعا مثلاً ميزانيةً أسبوعية أو شهرية، ويلتزما بها، فيضعا حسابًا للأشياء التي يرغبانِ في شرائها، ولا يصرفا أكثر مما لديهما، ودفع الفواتير يجبُ أن يكون أولويتهما القصوى، فيخصصا مبلغًا صغيرًا من المالِ للاستفادةِ منه لاحقًا في العطلة.
قالت شمس النَّهار: وما هي العقباتُ الأخرى التي تحولُ بين سعادةِ الزوجين؟!
فقال الفيلسوف: العَلاقةُ الحميمة أحيانًا تكون مشكلةً كبيرة في العديدِ من العَلاقات، وفى حالةِ عدم التوافق بين الطَّرفين؛ بسبب ضيق الوقت والإجهاد والانشغال، يمكن أن يؤدِّي ذلك إلى سوءِ المزاج والإحباط، والجفاف العاطفي، الذي قد يؤدِّي بدورِه إلى التوتر والمشاكل.
أيضًا الأعباء المنزلية قد تكونُ سببَ المشاكل؛ مثل المهامِ المنزلية والتنظيف والطبخ، وشراء البقالة والتسوق، فتقسيمُ الأعمالِ المنزلية يعدُّ نقطة رئيسة في استقرارِ العديد من العائلاتِ السعيدة.
المشاركةُ وتحمُّلُ المسؤولية، ورعايةُ الأطفال والتقدير من الأسسِ الرائعةِ التي يمكن أن تساعدَ على إرساءِ العَلاقاتِ الناجحة.
وعلى كلا الطَّرفين أن يشرحَ للشريكِ طبيعةَ عملِه في المنزل، والمهامَ التي يقومُ بها، فيجبُ أن يخططا للقيامِ بالأعمالِ الرتيبة والمتعبة؛ مثل الغسيلِ والكَيِّ والترتيب في عطلةِ نهاية الأسبوع، وأن يفكرا كفريقٍ بدلاً من التفكيرِ كرئيسٍ ومرؤوس، وأن يحاولا عدم التذمرِ والشكوى.
قالت شمس النَّهار: نعم، فالمشاركةُ والتعاون بين الزوجين مطلوبان، واستعمال عباراتِ الثناء يكون له عظيم الأثر.
فقال الفيلسوف: يجبُ التركيز على الجانبِ الممتع والمرح عند أداء المهام، وتخصيص المهام حسب رغبةِ كل شخص؛ مثلاً هو يحبُّ أن يقومَ بتدريس الأطفال، بينما تحبِّين الاهتمامَ بالطبخ، وعليهما أن يقدرا جهودَ بعضهما البعض، وعليهما استعمال عبارات الثناء والشكر قدرَ الإمكان، مهما كانت المهام صغيرة، لإظهارِ التقدير، وستختفي المشكلاتُ - بإذن الله - وأيضًا التربية والتنشئة الجيدة في الصغرِ تساعدان كلاًّ من الرجلِ والمرأة على تحملِ المسؤولية، وعدم الهروبِ من المشاكل وتركها حتَّى تتفاقم، وأيضًا يجب أن تنبني العَلاقة على طاعةِ الله بين الزوجين، ويجب عدم التسرع في اختيار الشريك، وعدم الغشِّ بين الطَّرفين.
أسألُ اللهَ أن يديمَ السعادةَ بين كلا الزَّوجين، وأن يحسنَ عملَهما، وأن يكونا من الفائزين، آمين.
قالت شمس النَّهار: سعدتُ بك الليلة يا فيلسوف، إلى الغدِ إذًا، وقلبي للحديثِ شغوف.