الجمعة، 22 أكتوبر 2010

وعــــــــدت ربِّـــــــــي أنْ أتــــــــوب

وعــــــــدت ربِّـــــــــي أنْ أتــــــــوب

* * *



كنتُ مُسْرِفًا على نفسي وأفعلُ المعاصيَ والذنوب، ولا أُبَالي بأحدٍ في هذه الحياة والدُّروب، ثم نِمْتُ فوجدتُني مَذْعورًا من علاَّم الغيوب، ويقفُ على رأسي مَلَكان مُوَكَّلان من قِبَل الله، أقعداني وأخذا يسألاني: مَن رَبُّك؟ وما دِينك؟ ومَنِ الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ وأنا في ذهول وسكوت

ثم وجدتُني بعد ذلك وقد نُفِخَ في الصور، وقام أصحاب القبور مبهوتين، شُعْثَ الرؤوس، مغبَّرين بالتراب؛ مما حصل لهم من شدة الصيحة، وهول النفخة؛ ﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴾ [المدثر: 9]، وفيه تشيبُ الأبدان، وتتوه النفسُ، ويكون الخسران للذي قَصَّر في حقِّ ربِّه ومولاه، وتذهل كلُّ مُرْضعةٍ عمَّا أرضعتْ، وتضعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها، وترى الناس سُكَارى، وما هم بسُكَارى، ولكنَّ عذابَ الله شديد


فقد قامتِ الأموات بإذن ربِّها، وسِيقوا إلى أرض المحشر العظيم، وإلى الله - تعالى - يُحْشَرون؛ ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴾ [يس: 51]، ووجدتُني لم أشمِّر عن ساعد الجدِّ والاجتهاد والاستعداد لهذا اليوم وما فيه من المخاوف العِظَام، والأهوال الجِسَام


وظننتُ أنه لا ملجأَ مِن الله إلا إليه! وأخذتِ الملائكة تنادي على الخلائق، يقولون: فلان بن فلان، فيأتي وهو بائس حزين، لا حول له ولا قوة، فيُسْأَلُ عن أعماله، ويناقشه ربُّه عمَّا قدَّم، فينزلُ منه العَرَق الغزير، ويصبح وجهه كسيرًا، ويظل يتلعْثَمُ، ولا يستطيع أن يتكلَّم، وتُنْشَرُ له الصُّحف الطّوال، مكتوب فيها الأعمال، ويجدُّ كلَّ شاردةٍ فَعَلَها، وكلَّ واردةٍ قَدَّمها، ويكون في أشدِّ الندم على تقصيره وعلى ما قَدَّمَ


ووجدتُني في حالٍ رهيبة، وأشعر بالخوف والريبة، يا ليتني قَدَّمتُ لهذا اليوم، بدلاً من الخوف الذي أشعر به واللوم، وسألتُ نفسي: لماذا كنتِ تعصين ربَّك؟ أليس هو الذي خلقك فصوَّرك؟ ألم نُخْلَقْ للعبادة؟ ولكنني ظللتُ ألهو بلا هَوادة، وأقول: إن لي ربًّا رحيمًا، ولم أتعوَّذ من الشيطان الرجيم


فأخذتُ ألومُ نفسي لومًا شديدًا، وأُقَبِّحُ فِعْلَها على ما كان منها ومن تقصيرها، وأقول: لو أرجعني الله إلى الدنيا ثانية، فلن أعود إلى تلك الأفعال الدنيَّة ثانية، وظللتُ خائفًا مرعوبًا من المنادي، فسوف يأتي مرَّة عليَّ ينادي، فماذا أنا له قائل؟ وماذا يكون ربي بي فاعلاً؟ ولو رُدِدتُ سوف أكون عابدًا لربي وحامدًا، ومُهَللاً ومُكَبِّرًا ومجاهدًا، وأصلِّي الصلوات الخمس بالتمام، وأصوم وأحج البيتَ الحرام، وأزكِّي وأتصدَّق وأكون من المحسنين، وأتواضع لعباده المؤمنين، ولا أكون من الكافرين


وإذا بي أجدُني أفيقُ من نَوْمتي ورقادي، وأتذكَّر ما كان من وعدي لربِّي أنْ أتوب، وأرجعَ إلى حظيرة الإيمان وأنيب، وقلتُ: يا نفس، لقد تحقَّق لكِ ما كنتِ تتمنَّيْنَ من الرجوع إلى الحياة، فاعْمَلِي ولا تكسلي، وعَوِّضي ما كان من التقصير والجحود؛ فإنَّ العُمر أنفاسٌ قد تخرج ولا تعود . . . ؟




ليست هناك تعليقات:

16 . أحلم أوعــــــى الحلم يضيع كلمـــــــات الفيلســـــوف الشــــاعر

16 . أحلم أوعــــــى الحلم يضيع كلمـــــــات الفيلســـــوف الشــــاعر &&&&&&&&&&&&&a...