قالت شمــس النهـــار: قص على حكـــاية ، فأنـــى أحــب ان أســمع منك روايــــــه
قال الفيلســوف : سـلى مابدا لك يا شمــس النهـــار ، فأنت لك فى القــلب مكــان مختــار
قالت : اننــى أحــب الاطفــال كـثيرا ، فهـل صــادفك يومـــا شـــيئا من افعــالهم ؟
قـــال الفيلســوف : نعــم لقــد حدثت معى قصـه منذ وقت ليــس بقصــــير ، لكــننى لم انــس ذاك الولد " ابوبكــــر الصغــير " ...!!!0
قالت : ابوبكــــر هــذا الاســم جميـــل وغريـــــب ، أكيد له معك حديـــث عجيــــب
قال الفيلســوف : فى مرة من المــرات ذهـبت للعمــرة الى بيت الله الحـــرام ، وبعدما انتهيـت من عمــرتى بالتمــام ، كان جســدى قد انهــك والله المسـتعان ، لاننــى كنت قد طفت وســـــعيت ، ودعــوت ربى لكــافة المسـلمين وأسـتغفـــرت ، غير اننى لم اضع فى جوفــى الطعـــــام ، لاننى كنت اؤدى عمــرتى فى صيــــام ، وعندما اذن المغرب شــربت ، من ماء زمــزم وارتـــــويت ، وبعدما أذن للعشـاء صـــــليت ، ثم بالتراويــح اننى قــد ختمـــــت، وجدتــنى أذهب الى عامــود من الاعمـــدة بالمســجد فاســـتندت عليه من شــدة التعـــــب ، واســندت ظهـــرى اليه وانا فى غاية النصـــــب ، ثم اخذتنى غفــــــوة ؟ لا ادرى كم مر على من فتـــــرة ؟ حتى أفقت عندما أخـــذ يهزنى صـبى صغـــير ، وقال لى اتشـــرب الشــاى ايهـا الشيخ الكـــبير ؟
فنظـرت اليه وانا لا اعرف هل انا فى حقيقة ام خيــــال ، واذا بالصــبى يكرر على الســــؤال ، فاجـــبته نعم بالطبــع ياوجه الخـــــير ، وجزاك الله عنى كل خـــــير ، فقد كنت اشعر بصداع شــــــديد ، وراســـى يكاد يسقط على الارض كأنه قطعـــة من حــــــديد ، فاحضر كوبا من الشاى ســــاخنا، وجلس بجوارى يتحدث الى وانا ســــاكتا ، ثم سـالنى اتشرب القهــوة المـــــرة ، فقلت نعـم أشـــربها هذه المــــــرة ، فغاب فترة يســـيرة واحضر لى واعــاد الكـــــره ، وكنت قد نويت الاعتكــاف ، فســالته هل تعتكـــف يابــنى قال نعــــم !!! ، فقلت ساعتكــف بجوارك هنا ، واذا استطعت ان توقظـــنى قبل الفجــــر بســــتون دقيـــــقه ، فيكــون لك جزيل الشــــكر منى فى الحقيـــقه
قالت شمس النهــــار : وماذا حدث بعد ذلك من امر الصــبى ، قص لى وهــات باق الحكــــاية ؟
فقلـــت : وبالفعــل ايقظـنى ذلك الصــبى ذو العشـــــرة اعوام فقمت وتوضـــئت ، ثم الى ذلك الصبى نظـــرت ، فوجدت من ينادى عليه وابصـرت ، يا ابو بكــر اريد من فضــلك بعض المـاء فيذهب ويحضــر له كوبا من ماء زمــزم فى ود وولاء ، وآخــر ينادى يا ابو بكـــر اريــد مصحـــــــف ، فيذهـــب فى هــدوء جم وهو بالادب يتلحــــــف ، فقلت فى نفســى هل انا مت وصرت فى الجنـــه ، وهــذا الصــبى من الولدان المخــــلدون ، اللهــم اجمعنــا ياربنا بالصــحب والاهـــــلون ، واحشــرنا مع النبيـــــون ، وعبــادك المفلحـــــون
ثم انه وجدتنى لازلت فى الحيـاة الدنيـا ولم اموت ، فاخذت اتزود من العمل الصــالح بالذكــر والتســـبيح والتوبة والاستغفــار ، وأقول ياربى اغفر لامتك انك غفــــــار، حتى صلينا الفجر فى سكينة ووقـــــــار ، وجلست ادعو الله حتى بانت الشـمس وطلع النهـــــار ، وذالك الصبى بجوارى ينـــــام ، وقد فرش تحته وتغطــى بلباس الاحـــــرام ، وكأنـــه قد تكفـــــن ، وفى انتظــار ان يدفـــــن ، وانا اتســائل عن سـر هذا الولد فلا أعــــــلم ،، ولم اجد معه احد من اهلــه ، ولا ابـــوه او جـــده . . . . .!!!؟
قالــــت : اكمـل لى من فضـلك بقيتـــــهـا ، فانى أشــعر اننى ارى ابو بكر امامـــى ، وقد أشتقــت الى نهـــايتها
فقلـــــت : وفى اليوم التالى اخذت اتجــاذب معه اطــراف الحديث ، فقال انى اعتكـــف ولوحــدى ليس معى أحد من أهـــــلى ، وكــــا يبدو عليــه انه ســـعودى الجنســـيه ، من لهجتــه الغريبــة عنى والاجنبيــــة ، فسالته وكيف تاكل ؟ فاجاب ببســاطه اذهب الى المطعم واطلب احدى الوجبـــات ، فقلت له الا تخـــــاف !!! فاجاب مم أخـــــاف ؟؟؟ فقلت هل اعتكفــت من قبل واصبح الامر يسيرا علـــيك ؟ فقال لا هذة اول مرة وهــون ياســـيدى الامر عليـــك !!! ، فقلت له هل لك اخـــوة ؟ قال نعم لى اخوة ذكورا كبــــارا ، فقلت وهل اطمـــأنت امك ان تترك وحـــدك ؟، قال نعم فانى كل يوم اكلمها عـدة مــــرات ، فوددت وقتها لو كان " ابو بكــــــر الصغـــير " هذا أبنا لى من صلبــــى ، كى اتقـرب به الى ربـــــى ، فهو نعم الولد الصــــالح
كان فى خدمــة الجميــع صغــيرا وكــبيرا ، وكان ايضــا فى خدمتــه الجميـــع ، ويدعــون له ولوالديـــــه ، على ادبه الجم وتدينه وخلقــه الكريــــــم ، وحفظـــــه الجميـل للقــــرآن الكريــــــم ، يقوم احدنا فيجــده نائمــا فيغطيــــه ، واخر معه وسـاده يضعها تحت راســه فيعليــــه ، وهذا معه فطــائر محـــلاه فيعـطيـــــه، ولكنه كان مثل نسـمه رائعة فى صيــف ، ومــاء بارد فى يوم حــار، ثم اننى انصرفت الى بلــدى وودعته ، وقال لى ســلم لى على عيـــــالك ، فدعوت له كــثيرا وقلت له اصــلح الله بالـــــك
قالت شــمس النهـــار : لقــد ســـعدت والله بالقصـــة وتلك الاخبـــــار ، زدنــى بربك يافيلســـوف
قال الفيلسوف : يكفى الليلة ياشمس النــــهار فقد مضى اكثر الليل ، وقارب طلوع النــــهار
قالت : سانتظر وانا قلبـــى شــــغوف ، والى الغد اذن يافيلســــوف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق