24 . ليــه خليتنى أحبـــك ـ قصه قصيرة
تاليف مجـــــــــــــدى عيســــــــــى
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
كان يستقل القطار متوجها الى المدينة عائدا من قريته ومسقط راسه بالصعيد ، فقد كان يشعر انه شجرة جذورها لا ترتوى الا عندما يذهب الى بلدته واهله واصدقاءه القدامى ، فيسرى ماء الحياة فى عروقه من جديد وينبت الامل ويتجدد العزم تماما مثل ما تكون عطشا الى الماء فى اليوم الحار ثم تجد امامك كوبا من الماء البارد .
قضى عدة ايام فى البلدة التى تطل على ترعة كبيرة هناك تسمى الفيض الجنوبى وهى قرية صغيرة واهلها كلهم يعرفون بعضهم البعض ، فحين يعود اليها يشعر انه وسط اسرته او عائلته الكبيرة ، حقيقة عندما ذهب هذه المرة امور كثيرة تغيرت فهناك من توفاه الله وهذا مرض وهذا تزوج وهذا انجب وهذا تغيرت ملامحه ، فايقن انها الحياة تفعل ما تشاء .
انلقب عائدا الى المدينة والمدنية حيث الصخب والضوضاء بعد ان ملاء صدره من الهواء النقى ، وقلبه بالحب من تواضع اهلها ، وشحذ عزيمته مرة ثانية ليعود اليها البهاء والضياء والرواء الذى كان يفتقده ، ذهب الى محطة القطار وانتظر قليلا على الرصيف احتسى خلالها كوبا من القهوة وهو يتفقد المكان والاشخاص المسافرين والمودعين كأنه لن يراه مرة اخرى .
ركب العربة وبحث عن كرسيه وهو يمسك التذكرة فى يد واليد الاخرى يمسك بها شنطة خفيفة بها بعض الاغراض ، وكان كرسية بجوار الشباك فسرح ببصره والقطار يمشى فى تؤدة يتلوى فوق القضبان تارة وتارة اخرى يسرع فى خطواته ، اخذ ينظر الى المساحات الخضراء الرائعة واشجار النخيل على جانبى الطريق وهو يملاء صدره ويستنشق الماضى والتاريخ ويجتر الذكريات مرة اخرى .
أتت الى مخيلته وهو سارح بفكرة تلك الفتاة التى كان يحبها منذ اكثر من عشرون عاما ، وتساءل فى نفسه اين هى الان ؟ هل تزوجت اكيد بلاشك فقد كانت روحها حلوه وابتسامتها تضىء لك الدنيا كلها !؟ وحديثها لا تمل منه ابدا وتود لو انك جالس امامها طول العمر تتامل وجهها الجميل وحديثها الجذاب ، ولعلها انجبت ، حتى انها لعلها صار لها احفاد !!؟
تمنى لو يراها ثم حدث نفسه مالفائدة من ذلك ولكن كانت تلك الرغبة تسيطر عليه ، فاخذ يتفحص وجوه المارة بالقطار لعلها تكون مسافرة معه على نفس القطار وبعد ان احس بالارهاق اغمض عينيه فى غفوة قصيرة حتى يستريح من السفر والساعات القليلة التى نامها بالامس قبل سفره مباشرة ، عندما اهتز جفنه يخبره انه رآها لم يصدقه فاغمض عيناه ثانية لعله يحلم بها ، لكنها الحقيقة كانت امامه مباشرة بل وتنظر اليه .
كان القطار العائد الى القرية والمجاور له تجلس بحوار الشباك فتاته لكنها رغم اثار السنين وتغير ملامحها الا انه عرفها وايقن بلا ادنى شك وانها تعرفت عليه، انها فتاته وبالرغم من ذلك لم تستطع الايام ان تنال من ملامحها الرائعة ووجها المبتسم البشوش ، نظر اليها وشعر انها ايضا انتبهت له وبادلته تلك النظرة ، أخفض راسه يقدم لها التحية مع ابتسامة خفيفة واراد ان يرفع يده بالتحية ولكنه تردد ولم يفعل ، فقد غادر القطار المحطة واختفت صورتها فجأة كما ظهرت فجأة .
قصة قصيرة ـ تاليف مجدى عيسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق