9 .حكايات قيـس وليـلى ــ الرضاء بالقضاء والقــدر

يومــــــــــيات عاشـــــــــــــــق

9 . الرضــــــاء بالقضــــــاء والقـــــــــدر

بعد مقابلة نادية زميلتنا ، وصديقة ليـــلاى ، او التى كانت ليــــلاى واضعتها بحماقتى

وثورتى ، فهكذا المحبون يثورون سريعا ، ويغضبون ولا يفكرون بعقولهم ، بل يفكرون

بقلوبهم وعواطفهم ، فيقعون فى المــآزق ، ويتعثرون فى المشاكل ، ويظلوا فى تلك المعاناة

دوما مثل الدائرة المفرغة  والتى لا نهاية لها ؟

شعرت وقتها ان الارض تتزلزل تحت أقدامى ، فها هى ليـــــــــلاى بريئة مما ظننت بها ،

واتهمتها به من خيانة للعهد ، وانا بحماقتى وتسرعى ، وغضبى الذى اعمانى ضيعت

جوهرة ثمينة لن اجد مثلها فى يوم من الايام ، فان قلبها مثل المهد للطفل يحتضنه فى حنان

، وعينيها التى طالما شعرت انهما بحر من الماء العذب تسبح فية الاسماك الملونة ، بل

وتتراقص على انغام سيمفونية رائعة تعزفها الطبيعة الخلابة ، وصوت انسياب الماء فى

الجداول .

ثم سألتها بالله عليك اخبرينى ماذا حدث ؟ فقالت بحزن بعد سفرك شعرت بصدمة كبيرة ،

وامتنعت عن الطعام ، لان الحياة اصبحت ليس لها طعم ولا معنى بعدما راتك غادرت ولم

تحضر الى اهلها ، حتى مرضت ، وذهبوا بها الى المستشفى ، ووضعوا لها المغذيات

والمحاليل ، وهى تصر على الامتناع عن الطعام تتمنى الموت بل تشتهيه .

  ظلت عدة شهور على هذا الحال ، وبعد خروجها من المستشفى اشار عليهم الطبيب باحد الاطباء

النفسانين لان ليس بها مرض عضوى ، وانما تعانى من صدمة نفسية ، وسالهم ان يحاولوا

معرفة السبب كى يستطيع الطبيب علاجها مما الم بها من مرض !! ؟

بعد ذلك صارت ليلى ذابلة مثل النبات الذى فقد الضوء والماء وعصير الحياة ، فقد كنت لها

كل شىء ، الهواء الذى تتنفسه ، والضوء الذى ينير لها دربها ، والسعادة التى تحلم بها ،

وصارت تكثر من الجلوس بمفردها وحيدة ، وتحب العزلة ، واذا جلست مع اسرتها فانها لا

تتحدث معهم بل صامته ، كأنها تعيش فى عالم آخر

 كانت تعيش معهم بجسدها ، لكن روحها ماتت وهى تسبح فى السماوات مع الطيور

المهاجرة ، وهى تتسائل دائما لماذا تخليت عنها وتركتها تتردى وتسقط فى بئر عميق ليس

له قرار ، ولا تستطيع ان تنساك او حتى  تكرهك ، بل ان صورتك المطبوعة فى مخيلتها تزيدها

عذاب فوق العذاب ، تمنت لو تقدرعلى ان تكرهك لكنها لا تستطيع !؟ وحاولت ايضا ان تجد

لك الاعذار لكنها لم تجد !!! ؟ .

ظلت هكذا ولم تجد حجة تقدمها لامها ، واخبرتها والدتها انك غير جاد فى الارتباط بها ،

ويجب الا تتعلق بالسراب والوهم ، وارشدتها ان تتمم الزواج فوافقت وهى مكسورة حزينة 

لاتشعر بطعم للحياة بعدما فقدت من كان ينبض قلبها بحبه !!! .

وقع هذا الكلام على نفسى كالسكين عندما يمضى فى الذبيحة ، فيسرق عمرها ، ويزهق

روحها ، ويسيل دماءها على الارض فتتلوث بعد النقاء والطهارة . ثم اخبرتنى ان لها الان

بنتا رائعة الجمال .

  فحزنت وزادت شقاوتى ، وقلت هذه البنت ، كان من المفروض ان تكون أبنتى انا ، تكون

ابنتنا نحن انا وهى ، يا لتعاستى ويا لا شقائى ، لقد اجتمعت الاحزان كلها وصبت فوق

راسى صبا ، واغرقتنى فى امواجها ، وصرعتنى فى خضم دوامتها ، فصرت اتخبط ولا

اعرف لماذ كتب على الشقاء والالم ، والحزن والندم ، وفوضت امرى الى الله ، ان الله

بصير  بالعباد .

ثم لم يحلو لى البقاء فى بلدى وقمت بانهاء اجازتى على الفور ، والسفر الى الخارج

والهروب من الواقع المرير الى الغربة ، لعلنى انسى  ماكان ، وتمنيت لو تطوينى الايام

وترمينى فى سراديبها العميقة ، وتخبئنى فى شقوقها ، وتبلعنى الارض ، فباطنها خير لى من

ظاهرها !!! ؟

 ، وصرت هائما فى ضياعى ، واخذت اهمل فى عملى وتركت اصدقائى ، بل تركونى من

معاملتى لهم بجفاء وغلظة .

 وقبل سفرى ذهبت الى نفس المكان الذى كان يجمعنا ولكن هذه المرة وحدى ونظرت الى صفحة النيل الخالد الذى يهب البشر كلهم الحب الخالد ونظرت الى تلك الشجرة التى طالما جلسنا بجوارها وأخذت اردد . . .

ياعاشــقا عصفــــت بـه الريـــح

&&&&&&&&&&&&

ذهــبت الـى الشــجرة حيرانــا أشـــكو وأطلــق العبــرات والزفــــرات 

واخــذت أنظــرالى الطـير فى الســماء وأتنهــد وأقــــص له الحكـايات

وظللـت اناجــى من احـب وأدعــوه ســبحانه أن يفـك عنــى الكربــات

*   *   *   *   *   *   *   *   *   *  

قالــت الشـــجرة  لـى ياعاشـــقا ، أتراك جــئت لتجـــتر الذكريـــات

وتسـتريح من نصــب الحيـــاة وتســعد روحــك بجميــــل التأمـــلات

وتنظـــر الى غصـنى ، وتنعــم بجميــل صنـع الله ورائـــع النســمات

*   *   *   *   *   *   *   *   *   * 

قلـــت نعــم ياشجــــرة ، شـــهدت علينــا معــا أجمــــل الاوقــــات

فكـــم كــنت أهــوى دائمــا أن اجلـــس بقربــك ،واطلـــق الاهــــات

فكـنت تحتضــنينى كمــا يحتضـن الجـــذع الارض فى قــوة وثبــات

*   *   *   *   *   *   *   *   *   *

قالـت لقـد جـاءت هنـا من كنت تحبهـــا، وكانت تطلــــق الضحكــات

وأمالـت الغصــن لطفلهـا فى مـودة وقطفـت له بعضـا من الزهــرات

وأخــذت تداعبــه بأناملهـا ،وتجــرى وراءه وهــو يعــدو بالقفــزات

*   *   *   *   *   *   *   *   *   *

جــاءت لنفـس المكـان ولكـن بعــدما صــار لغيرك حبهـــا والبســمات

فيــا حـبيبـا لاتحــزن ! لصــروف الزمـــان وتقلبـــه وكــثرة الغــدرات

فـأنا فى الخريــف أشـعر بالفـراق مثـلك عندما تتسـاقط الورقــات!!!؟

*   *   *   *   *   *   *   *   *   *

.  ثم دعوت الله ان يرأف بحالى ، ويخلصنى مما انا فيه ، فنصحنى احد اصدقائى للذهاب الى بيت الله الحرام وادعوه ان يقف بجانبى ، ويشرح صدرى ، ويقوينى ففعلت .

نتعرف على البقية فى المرة القادمة ان شاء الله مع الجزء الاخير

يومــــــــــيات عاشـــــــــــــــق

الفيلســـــوف الشــــاعرمجــدى عيســـى