25
.قمـــــــــر اربعة عشر ـ قصه قصيره
كان
يجلس على الاريكة مسترخيا ويشغل المسجل بصوت عال كعادته ، فقد كان حمزه شابا يصفه
أصحابه واهله بالعصبيه وان مزاجه دوما متعكر ، وكان هو يسر بتلك الصفه بل ويتفاخر
بها ، كان يحب كثرة الخروج مع الاصحاب والسهر خارج البيت ، وكان يحب السفر
والترحال كثيرا .
قالت
له والدته ذات يوم اريد ان ازوجك كى ينصلح حالك وتستقر بدلا من تلك الفوضى العارمة
التى تعيش فيها والاستهتار ، فالعمر يمضى سريعا يا ولدى وبعض الشعر الابيض قد نبت
فى جانب راسك ، واننى اريد ان ارى اولادك واحملهم على يداى واربيهم واسعد بهم .
كان
حمزه لايفكر فى الزواج البته ويعتبره قيد حديدى وهو فى غنى عن ذلك ، ولطالما الحت
عليه ولطالما رفض تلك الفكره بل وفى كل مرة يسخر من اللذين يفكرون اصلا فى
الارتباط ودخول ذاك القفص الحديدى بمحض ارادتهم وخاطرهم .
فى
احد الايام جاءت والدته وأخبرته انها عثرت له على عروسه " قمر " نعم هذا هو اسمها ووصفها ،
لكنه ابتسم فى لا مبالاه وقال لها لكن القمر لايطلع الا مره واحده فى الشهر فاين
اعثر عليها بقية الشهر !حتى يأست منه امه واخذت تدعو الله ان يهدى ابنها وينور له بصيرته.
فى
أحد الايام كان مارا بسيارته بالقرب من معهد اخته ، وشاهد الفتيات وهن بدأن
بالخروج فقال لنفسه انتظر كى أأخذ اختى واوصلها للبيت بدلا من ان تعود بمفردها
بالمواصلات ، وبالفعل دقائق وهاهى تخرج من المعهد ومعها صويحباتها ثم تفرقن فى كل
اتجاه ، فنادى عليها فلما راته تعجبت واستغربت من فعله هذا ! لان تلك اول مرة ياتى
ليقلها للبيت .
سلمت
على اخيها وطلبت منه ان ينتظر صديقتها لتأتى معها لانهما يعودان يوميا سويا لانها
تسكن بالقرب منهم فوافق على غير رغبة منه ، ولما سالها اين هى قالت سوف ننتظرها
دقيقه فقط فتأفف وندم اصلا انه فكر ان يصطحب اخته معه للبيت وهو عائد فى طريقه .
جاءت
صديقة اخته ولكنه عندما رآها شعر ان كيانه كله يهتز فهى تمشى فى حياء اما صورتها
فكان الربيع قد رسم ملامحها ، وحدائق وجنتيها قد حان قطافها ، ووهبتها الشمس من
ضياءها ونورها فسبحان الملك الوهاب ، فسلمت وركبت وهو واقف لايرد وكأنه فى الجهة
الاخرى من العالم ، ثم مالبث ان انتبه فرد عليها السلام ثم شغل محرك سيارته وانطلق
كأنه يقود مركبة فضائية حتى طلبت اخته ان يهدىء من سرعته قليلا .
اوصلها
لبيتها ثم رجع واخته للبيت فلاحظت اخته عليه بعض التغيرات لانه ظل يسالها عن
صاحبتها ويتحدث عنها وهل هى مخطوبه ام لا ؟ وهل هى مرتبطه بشخص ما ؟ وهى تراوغه
ولاتجيب عليه تسكت احيانا وتجيبه أحيانا اجابة مقتضبة لا تشفى الغليل .
ظل
حمزه عدة ايام على حال غير الحال فى توتر وقلق وتفكير وسرحان دائم ، وتردد وخوف
وحيرة فهل يدخل الى تلك الشرنقة الحريرية البيضاء الا وهو الزواج بنفسه وهو بكامل
قواه العقلية !؟ ثم مالبث ان ذهب لوالدته يطلب منها ان يتقدم لخطبة تلك الفتاه
.
عندما سالته امه وما اسمها فقال لا اعرف ولكننى اوصلتها ذات مرة مع اختى وهى تسكن فى
الشارع الذى بعدنا مباشرة ، فضحكت وقال الله اكبر لقد وقعت فى الحب اخيرا يا فلذة
كبدى ، اتدرى من تلك البنت انها " قمر " فهى صاحبة اختك وحين رايتها
تمنيتها زوجة لك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق