الأحد، 30 أبريل 2017

26 . رحم الله أم سالم ـ قصة قصيرة







26 . رحم الله أم سالم ـ قصة قصيرة

كان يمسك بفنجان القهوة يرتشف منها فى هدوء ، بينما كان صوت القرآن وهو يرتل بصوت أحد كبار المقرئين يريح النفس ، ويزيل الكثير مما علق بها من الشقاء والالم ، ثم استاذن منه ابنه سالم بالانصراف وهو يقبل رأس والده ويديه ، ويدعو لامه بالرحمة فقد توفت بعد صراع مع المرض وانتقلت الى الدار الاخرة .

رجع ابو سالم بذاكرته الى الوراء مثل شريط التسجيل وتذكر حين خطب زوجته منذ اكثر من ثلاثون عاما فقد كانت قريبتة ورزقه الله منها سالم وثلاث بنات ، كلهم تزوجوا ورزقوا اولادا وصار له أحفاد ، وتذكر حين طلع على المعاش وكان يقول لها لقد كتبت وصيتى ووضعتها فى المكان الفلانى وحين اموت ارجو ان تعملوا بها ، وذكرت فيها كل الحقوق الى علينا والتى لنا عند الناس .

كانت تدعو له بطول العمر وتقول " يارب يومى ياتى قبل يومك " رغم انها اصغر منها فيتعجب ، ثم مالبث ان جاءها ذلك المرض اللعين الذى اقعدها فترة وهى تعانى من الالم لكنها كانت صابرة وتحتسب ذلك عند الله ، ثم توفت وتركته لايعرف ماذا يفعل ؟ وكيف يكمل حياته بدونها حتى انه احيانا تمنى الموت واشتهاه .

كان يقضى الاوقات الكثيرة بمفرده فقد كانت بناته احداهن مسافرة مع زوجها والاخرى متزوجة فى بلد آخر والثالثة وهى الصغرى التى تهتم بشؤونه تغسل ملابسه وتعد له الطعام وترتب البيت وتنظفه وجميع الامور الاخرى ، اما سالم فكان يسال عنه باستمرار ويمر عليه يجلس معه ويتحدث معه ، لكنهم فى النهاية كل يعود لبيته واولاده .

كان عندما ياوى الى فراشه يشاهد صورة ام سالم فيدعو لها بالرحمة والمغفرة فهى لم تقصر معه يوما نعم الزوجة ونعم الام ونعم المرأة والصديقة ، وكان يتحدث معها ويحكى لها كل شىء يدور فى باله ، حتى خاف ان يجن وتسيطر عليه الهلاوس ، واخذ يشعر برغبة ملحة فى البكاء دوما ويطلب ان يتوفاه الله .

وفى احدى الايام كان جاره يسال عنه ويزوره وبينما كانا يتحدثان قال له لماذا لاتتزوج يا ابى سالم فانت تحتاج من يسليك ويؤنس وحدتك ، فتعجب واستغرب ثم مالبث بعد طول تفكير ان اقتنع بالفكرة ، فقال له ومن ترضى بمثلى فأشار عليه بفلانه فهى لم تتزوج وكبر سنها ومضى قطار الزواج ولم تنل حظها منه ،وهى بصحة جيدة تخدمك وتسليك بدلا من ان تسيطر عليك الافكار وانت وحدك تؤرقك وتقض مضجعك وتفتح عليك باب الحزن .

بالفعل تكلم جاره مع تلك المراه فوافقت وتحدث ابى سالم مع اولاده فبعضهم وافق لان هذا حق والدهم وشرع الله والبعض رفض الفكرة خاصة ابنته الصغرى التى كانت تشرف على حاجاته وطلباته تقول له هل انا قصرت معك فى شىء يا والدى فقال لا لكننى حينما تذهبين لبيتك واولادك وزوجك وتتركيننى اشعر بالخوف واظل اتذكر امك وابكى ولا يهنىء لى حال ، بالاضافة اننى احتاج من تقوم على حاجتى وتهتم بى طوال اليوم .

تزوج بالفعل ابى سالم بعد ان طلب من زوجته ان يحتفظ بصورة ام سالم مكانها فوق الحائط ، وكلما كان ينظر اليها يدعو لها ويقول رحمك الله يا أم سالم .

ليست هناك تعليقات:

16 . أحلم أوعــــــى الحلم يضيع كلمـــــــات الفيلســـــوف الشــــاعر

16 . أحلم أوعــــــى الحلم يضيع كلمـــــــات الفيلســـــوف الشــــاعر &&&&&&&&&&&&&a...