47 . رحلة الالف ميل تبدا بخطوه
يقول كنت الاخ الاكبر ولى ثلاثة من الاخوة ولدان وبنت صغرى وكان والدى قد توفى ، وكانت امى هى التى تسعى كى توفر لنا لقمة العيش والحياة الكريمة ، وكان ابى قبل وفاته يقول دائما اريد ان اربى اولادى افضل تربية ويتعلمون احسن تعليم ، ولكن يشاء القدر ان يتوفى وهو لايعلم ماذا يخبىء لنا القدر .
كانت امى سيدة لا تجيد اى عمل فهى كانت زوجة ومدبرة للمنزل فى حياة ابى رحمه الله ، ولم تكن تفكر بالبحث عن العمل لولا ان ظروف الحياة صعبة أجبرتها، فبدات تبيع الخضار وتجلس به امام البيت تبيعه للجيران والشارع ، وكانت سعيدة بهذا العمل رغم تعبها وارهاقها طوال اليوم لكنها تحمد الله الذى يجعلها لاتمد يديها لاحد تطلب منه الصدقة او تطلب منه المساعدة .
كنا نحن فخورين بأمنا ايما فخر ، كانت تبذل قصارى جهدها فى سبيل توفير لقمة العيش الكريمة لنا ، وكنا نقبل يدها كل يوم قبل ذهابنا للمدرسة والتى اصرت ان نظل بها حتى يتحقق حلم ورغبة وامنية والدنا ،ورغم محاولتنا جميعا ان نترك الدراسة حتى نعمل اى مهنة او صنعة لكنها كانت ترفض بشدة ، وتقول لو انتم فعلا اولادى وتحبوننى وتريدون مساعدتى اريد منكم ان تجتهدوا فى دراستكم .
كنا دائما نتمسك بروح الامل والتفاؤل فى الغد الافضل مهما كانت الظروف التى تجعلنا نيأس وتشدنا الى الوراء ، ومهما كانت الشدائد والالام ، تماسكنا وتداخلنا جميعا فى بعضا البعض مثل الافراخ الصغيرة حينما تحتمى مع امها من برد الشتاء القاسى والرياح الهوجاء العاتية .
واصلنا الحياة بحلوها ومرها ، ومضت الايام وكبر الصغير ، وبدات البشائر تاتى فقد تخرجت من الكلية وعملت باحد الوظائف ، وايضا تخرج اخى الثانى والثالث لايزال يدرس هو واختى ، ونحن لاتغيب عنا ذكرى والدنا الذى رحل وقد حققنا امنيته ندعو له بالرحمة والمغفرة ونقبل ارجل امنا وايديها كل يوم على صنيعها وعلى صبرها وجلدها فى مواجهة تلك الرياح الهوجاء حتى كبرنا وتحقق لها ما ارادت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق