59 . القصــــــــر
الجــــــديد ( الفصل الثانى )
ذهب محمود
واسرته وانتقلوا للعيش فى القصر الجديد الذى ورثه من عمه المهاجر، وهو حقيقة ليس
جديدا بل كان مهجورا منذ عشرون عاما لكن مع بعض الاصلاحات غير المكلفة صار رائعا ،
خصوصا كثرة غرف النوم به والابهة فى المدخل وصالات الاستقبال والضيوف ، وحمام
السباحة الخاص ، والدهاليز هنا وهناك والممرات التى تؤدى الى الحديقة والباب
الخلفى .
ناهيك عن
الديكورات والاعمدة على الطراز الرومانى ، بالاضافة الى الرسومات التى تزين الاسقف
والجدران ذات الالوان البديعة ، غير التحف والانتيكات والتماثيل الرائعة التى كانت
تنتشر في سائر انحاء القصر ذات الاحجام الكبيرة والصغيرة النحاسية والبرونزية
وغيرها ، والتى تشعرك انك داخل متحف وليس منزلا، التى كان عمه قد جمعها من كل البلدان التى زارها
فهو كان يحب السفر والسياحة .
لكن عمه عبد العزيز لم يرزق من زوجته الاجنبية
بالاولاد ، ورغم فرح محمود وزوجته واولاده بالقصر ، الا انهم شعروا ان مساحة القصر
كبيرة زيادة عن اللازم حتى انهم احيانا كانوا يشعرون انهم في متاهة ، ولا يعرفون
مداخله ومخارجه .
ايضا
كانوا يشعرون بالرهبة لان المنطقة نائية وبعيدة عن
العمران ،
فقد كان القصر على حدود مزرعة كبيرة وبعيدة عن الطريق العام ، ايضا قد فقدوا
جيرانهم بالعمارة السابقة واصحابهم الذين نادرا ما سوف يزورنهم بسبب المسافة
البعيدة والتى تتطلب من الزائر ان يكون لديه سيارة خاصة ، حتى انهم فكروا بالعودة
لشقتهم .
أحداث
القصة بدأت من هنا حينما اخبر محمود زوجته انه سوف يعرض الشقة للبيع وان سمسار قد
ابلغه ان لديه مشتر وسوف يدفع مبلغا كبيرا من المال ، فقالت زوجته على بركة الله ،
لكن حدث ما حدث ، فقد عاد محمود من عمله حتى وجد زوجته غائبة عن الوعى والادراك
تماما وفى حالة يرثى لها .
كان الاولاد
من حولها يحاولون افاقتها من غيبوبتها ولما فاقت قالت لزوجها يجب ان نترك هذا
القصر فورا لانه مسكون !؟ فتعجب من كلامها ، فاردفت لقد شاهدت شبحا امامى يطير في
الهواء مثل الدخان يقول لى ارحلوا من هنا حتى لا نؤذيكم ، فنحن من الجن غير الشرير
ولا نريد ان نؤذى احدا ، لكن هذا منزلنا نعيش فيه منذ عشرون عاما .
تعجب
محمود والاولاد ايضا لما سمعوا حكاية امهم واعتقدوا انها تهيؤات او لعلها تكون
وسوسة من عند الشيطان ، فاردفت اذا لم تصدقونى ، فان الجنى اخبرنى ان اليوم فى
المساء سوف يرسلون اشارة فى تمام الثامنة مساء حتى يتاكدوا ، واذا لم نرحل بعدها
سوف يؤذون كل من فى القصر .
رغم
اعتقاد الاولاد وابيهم ان امهم قد اختلط عليها الامر او انها رات كابوسا مرعبا ،
غير انهم شعروا بالخوف بل بالرعب كلما كانت تدق الساعة المعلقة فوق الحائط .
فوصفوا
والدتهم انها مريضة وتعانى من الهلاوس والتهيؤات ، حتى حدث ما تشيب له الابدان ،
فتركوا القصر مرغمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق