50 . فاما اليتيم فلا تقهر
فاما اليتيم فلا تقهر ، هذا ماحدث معى بالضبط فقد توفى كلا من ابى وامى معا وفى نفس الوقت بسبب حادث سيارة ، ولم تمر سوى ايام قليلة حتى حضر صاحب العمارة واخبرنى باننى يجب ان اخلى الشقة لانه يريد ان يؤجرها لعلمه بوفاة والدى واننى لن استطيع ان ادفع الاجرة .
كنت لازلت بالمرحلة الاعدادية فتوسل الجيران له ان يدعنى وان يحاولوا هم ان بجمعوا الايجار لكنه قال كيف سأعيش بمفردى فى الشقة ،عليه ان يذهب الى احد اقاربة يعيش معه وينفق عليه ، فذهبت توسلاتهم له هباء ، ففكرت ان اذهب الى الرجل الوحيد الذى اعرفه فى هذا العالم وهو عمى وبالفعل ذهبت للعيش عنده .
كانت شقة عمى صغيره تتكون من غرفتين فقط ، غرفه له ولزوجته وغرفة اخرى لبناته الثلاثة ، فوضع لى سريرا بالصالة لانه المكان المتاح الوحيد ، فكنت لا اشعر بالراحة واننى صرت عبئا على عمى ولكننى ليس امامى مفر من ذلك ، فاين اذهب وانا فى هذه السن ، وظللت على هذا الحال عام كامل حتى حصلت على الاعدادية العامة .
كانت زوجة عمى تتافف دوما من وجودى وانها ليست من مهامها ان تعول فردا آخر وتهتم به وتخدمه ، كانت تشكو الى عمى دوما ان الشقة ضيقة وان عندهم بنات ولا يصح ولا يجوز ان يظل هذا الوضع على هذا الحال ، فيقر لها عمى ان الشقة صغيرة فعلا ولكن اين يذهب بى وانا ابن اخيه لحمه ودمه ، فعليهم بالصبر الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا .
كنت أشعر ايضا بالحرج من الوضع برمته ولكن ماعساى افعل فى تلك الظروف التى فرضتها على الحياة ، حتى كان يوم كنت امر فيه بجوار شقتنا القديمه فقابلت عم ابراهيم البواب وسالنى عن حالتى فقلت له بخير ، فطلب منى ان اشرب معه الشاى والح على فوافقت ، سالنى عن احوالى فاخبرته اننى انهيت الاعدادية وسوف ادخل مدرسة الصنايع ففرح ودعى لى بالتيسير .
وعندما علم بحالى عند بيت عمى ، وجدته يفرك ذقنه بيديه ويضم شفتيه وهو يفكر تفكيرا عميقا تعجبت له فسالته ما الامر يا عم ابراهيم فقال لى ما رايك ان تعيش معى هنا فى العمارة على السطوح ، بحيث يسلى كل منا الاخر فهو يعيش وحده منذ توفت زوجته ، وكى يرد جميل والدى لانه كان كريما وشهما معه اثناء حياته على حد قوله .
مضت السنوات وانا وعم ابراهيم نعيش معا وانا اقوم بمساعدته فى العمارة حتى حصلت على شهادة الصنايع وعملت فى احدى الورش القريبة فى الحى ، وكان عمى يسال عنى كل فترة يمر ويزورنى وهو يشعر بالاحراج لكن ليس باليد شىء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق