53 . اعطنى صنارة اصيد بها ـ الجزء الثالث
يقول صاحبى تلك المرة حين تقابلت مع احمد كانت حالته افضل فقد لبس الملابس الثقيلة والحذاء الجلدى بدلا من الشبشب ، وظهر عليه الشبع فحمدت الله ان ساقه فى طريقى كى اساعده وكان مصفف الشعر ايضا ، فشعرت بالارتياح ثم سالته وهل تتعاطى الحبوب المخدرة الان فقال لا ، لانها ضيعتنى وايضا لا املك ثمنها ، فطلبت منه ان يبحث عن عمل فاخبرنى ان هناك مشكلة اخرى ان البطاقة الشخصية ضاعت فى وسط المشكلات التى مر بها وحينما ذهب لاستخراج بدل فاقد لم يجد معه ثمن الاستمارة بعد زيادة ثمنها فرجع كما ذهب .
طلبت من ان يعدنى بعدم الرجوع للمخدرات مرة اخرى وان يحاول العثور على عمل بصورة البطاقة التى لا تزال معه ، واننى ساعطيه ثمن الاستمارة ليستخرج بطاقة بدل فاقد ، وطماننى انه وجد عملا مؤقتا فقد اشترى بالمال بعضا من البخور ، ويمر على المحلات والبائعين فهذا يعطيه نصف جنيه وآخر يعطيه جنيها وهكذا ، فتهللت وقلت خير ما فعلت ، ولكن حصولك على البطاقة وعمل ثابت امر هام ، واننى لن اظل اعطيه المال كل فترة لاننى موظف واعول اسرة والحياة صعبة ، فقال لى انت تريد ان تعمل بالحكمة القائلة لا تعطينى سمكة وانما اعطنى صنارة اصيد بها ، فقلت له نعم .
يقول صاحبى فاعطيته رقم هاتفى وطلبت منه ان يتصل بى اذا اراد شيئا أو احتاج للمساعدة ، وان يتصل اذا تحسنت ظروفه كى يطمئنه على احواله لانه يعتبره من الان مثل ابناءه ، فدمعت عينا الشاب ودمعت عين صاحبى ، وسلما ثم تعانقا وانصرفا .
يقول صاحبى مر شهر حتى الان ولا ادرى ماذا حصل لاحمد هل ضاع منه رقمى بسبب نومه بالشارع ، ام ان ظروفه تحسنت فاخذ يهتم باحواله واعتبر ما كان انه عثره تعثرها ومضى فى حياته ، ام انه لاقدر الله اصابه مكروه او مرض مرضا شديدا ثم توفاه الله .
وأخذ يتساءل ماهو دور الدولة تجاههم ودور الجمعيات الخيرية نحوهم ، ولكنه كلما يتذكر ذاك الشاب احمد يبتسم ويحمد الله انه وقف بجانبه ورأف بحالته فمن لايرحم لا يرحم ، ثم يدعو الله ان يحفظه ويقويه ويعينه على الابتلاء الذى تعرض له .
واخذت انا وصاحبى كلا منا يشعر بالحزن على تلك الفئة من الناس المهمشة الضائعة فى دروب الحياة ، التائهة فى شقوق التاريخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق